دفاعا عن المستقلين من فتح
دفاعا عن المستقلين من فتح
د. سلمان محمد سلمان – أستاذ فيزياء الطاقة العالية والدقائق الأولية – فلسطين
التاريخ 14-3-2006
تم اتخاذ قرار من الرئيس أبو مازن بإقالة المرشحين المستقلين من حركة فتح في الانتخابات التشريعية ويوحي مصطلح الإقالة أنهم موظفون يعملون بالأجرة وهذا بعيد عن الصحة تماما. والمظهر الآخر أنها تمت في وسائل الإعلام ولم تتم ضمن القنوات التنظيمية وكان المقصود بها التشهير بالمعنيين. والمظهر الثالث أنها تمت قبل إجراء التحقيق في أسباب الفشل وليس نتيجة لتحقيق مناسب يحدد المسئولية والأخطاء وبذلك تم تطبيق قاعدة عاقب ثم حاكم.
والحجة للإقالة أنهم مثلوا السبب الرئيسي لهزيمة فتح في الانتخابات التشريعية وبذلك يتحملون مسئولية كل المرحلة التاريخية التي حكمت فيها السلطة مع أن معظمهم لم يشارك بالسلطة أصلا أو شارك بدور معارض للتوجه القائم أكثر منه منخرط في العملية الإدارية أو السياسية. إن اختصار سبب الخسارة بهذا الشكل يعبر عن الخلل الرئيسي في قراءة قيادة فتح للواقع وكلما أمعنت في الخسارة أمعنت في تحميل المسئولية على العناوين الخطأ.
إن ترشح عدد كبير من أبناء الحركة خارج القائمة الرسمية هو تعبير عن مشكلة أكثر من كونه سببا. فجزء من المرشحين شارك في الانتخابات التمهيدية ونجح بها وتم تجاوزه بطرق ملتوية لصالح مرشحين آخرين فشلوا في تلك الانتخابات وهذه المجموعة تكون قد عوقبت ظلما مرتين الاولى بتجاوزها وهي صاحبة الحق بالترشيح والثانية عندما تم تحميلها المسئولية في فشل الانتخابات.
المجموعة الثانية تمثلت في أعضاء رفضوا المشاركة في الانتخابات التمهيدية واعتبروها غير نزيهة أصلا واختاروا المشاركة كمستقلين منذ البداية وهؤلاء لم يخالفوا عقد التزام ويمكن اعتبارهم قد قرروا الاستقالة من الحركة فعلا ولا داعي لإقالتهم. وبذلك فان من انتخبهم بصفتهم تلك لا يعتبر مناصرا لمرشحي فتح الرسميين ولا يمكن اعتبارهم مشاركين في تشتيت التصويت والأصوات الموجهة ربما كانت ستذهب لحماس لأن برامجهم الانتخابية لم تطابق برامج فتح.
المجموعة الثالثة تمثلت في شخصيات شاركت في التمهيدية ولم تفز لأسباب تزوير موقعية لم يتم تداركها وعندما تجاوزتهم قيادة الحركة لصالح مرشحين آخرين خسروا الانتخابات التمهيدية لم يكن هناك معنى للتمييز وبدوافع أساسها سياسي اختاروا الترشح والاستمرار.
والمجموعة الرابعة تمثلت في أفراد قرروا الترشح للحظة وفاوضوا على الانسحاب مقابل منافع شخصية وانسحب جزء كبير منهم كذلك.
المجموعات الأولى والثانية والثالثة اختارت الترشح رغم الصعوبات والتحدي الكبير أمام كتل تنظيمية تملك المال والجهاز التنظيمي الواسع. من الواضح أن دافعها سياسي أساسا ولها وجهة نظر في برنامج فتح وقائمتها الوطنية أو الدوائر. واختارت الترشح رغم ذلك للتعبير عن موقف برفض الآلية التي تمت بها عملية الاختيار للمرشحين أو نوعيتهم والتي لم تتحقق بها ادني شروط الالتزام بالقواعد أو حتى آلية إصدار القرار ولسبب آخر للبعض ربما وهو الاختلاف مع توجهات رئيسة في الموقف السياسي.
يمكن اعتبار ترشح القوائم إذا كتعبير عن مشكلة الخلل في البرنامج السياسي والية اختيار المرشحين الرسميين ونوعية المرشحين الرسميين وتوجهاتهم. إن مجرد حصول الترشح للمستقلين يعبر عن أزمة حقيقية للحركة.
المسألة الثانية تتعلق بافتراض دور المرشحين المستقلين تشتيت الأصوات المحجوزة لفتح. ولو كان ذلك حقيقيا لما قبلت تلك الأصوات الخروج عن التصويت لفتح. ومن الصعب تصديق تحول تلك الأصوات لصالح مرشحي الحركة الرسميين لو انسحب المرشحون المعنيون.
هناك حاجة لتقييم التصويت الفعلي من حيث مقارنة التصويت لصالح القائمة الوطنية مقارنة بمتوسط الأصوات لصالح مرشحي الدوائر. وإذا كانت حماس قد فازت بالنسبة الأعلى لمجمل الأصوات فان فوزها في الدوائر يصبح أكثر احتمالا لان نظام الدائرة يقوم على النجاح أو الفشل ولا يهم أن يكون الفرق صوتا واحدا أو ألفا.
إن أول العبر من خسارة فتح للانتخابات تتطلب التحقيق في القضايا أعلاه قبل الهروب من ذلك واللجوء للبحث عن كبش فداء لممارسات ونهج أدى الى النتائج التي تمت.
إن اعتماد سياسة العقاب والتهديد سوف تزيد من هروب الناس ويجب أن يتعلم الجميع أن العملية الديمقراطية تتطلب كسب القلوب ولا يكفي القرار المركزي لتحققها. إن اعتماد آلية غير سليمة في اختيار المرشحين سيؤدي حتما الى عدم الالتزام في الترشح وان لم يحصل ذلك خوفا يتم التعبير عن الاحتجاج عند الانتخاب والنتيجة واحدة وهي الخسارة.
إن أسباب خسارة فتح تتلخص في الفشل السياسي والطريق المسدود الذي وصلته العملية السياسية وفي الفساد الكبير الذي ميز ممارسات الحياة في السلطة وفي الخلط الكبير بين أجهزة السلطة والحركة وفي أسلوب الترهيب المستخدم عادة ضد كل من يخالف التعليمات التي تتم بطرق غير سليمة أصلا.
تحتاج المسالة الى قراءة عميقة لئلا تكون النتائج أكثر سوءا في المرة القادمة ولا يكفي لحل الأمر تحميل المسئولية للمستقلين والقفز عن كل ما عدا ذلك.