جامعة القدس: منارة علم وسياسة تستحق عناية خاصة
جامعة القدس: منارة علم وسياسة تستحق عناية خاصة
د. سلمان محمد سلمان – أستاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية – قلقيلية – فلسطين
15-8-2010
أولا- تمهيد
وضع جامعة القدس الخاص من النواحي السياسية والجغرافية وعلاقتها بمدينة القدس.
لا شك أن هناك وضعا خاصا جدا لمدينة القدس بحكم قدسيتها التاريخية والدينية والسيطرة الإسرائيلية ومنع العرب الفلسطينيين من خارج المدينة من زيارتها حتى أيام الجمعة. وهذه حقيقة يتجاهلها بعض من يعتبرون القدس وقفا لأمة المسلمين. بالمقابل فالخطوات الحقيقية لدعم مدينة القدس محدودة ولا تجد برامج فعالة لدعم صمود المدينة وأكنافها.
جامعة القدس هي الإضاءة الوحيدة في المنطقة
ويبدو بوضوح منذ بناء الجدار حول المدينة وتقطيع أوصالها العربية ومنع استمرارها الطبيعي مع محيطها أن منطقة الضواحي لا تحصل على تطوير يذكر. فلا تجد تعميرا ذا قيمة أو خدمات. وإذا نظرت لمحيط جامعة القدس في أبوديس والعيزرية والسواحرة تشعر أن المنطقة تتعرض لإهمال متعمد.
من السهل على المراقب الاستنتاج أن منطقة الوصل الرئيسة بين شمال الضفة وجنوبها )أبوديس العيزرية) تتعرض لموت مفروض. ولولا وجود الجامعة لأصبحت محيطا لحاجز الكونتينر ليس أكثر.
جامعة القدس مستهدفة وهي في دائرة الضوء وهذا يكلفها الكثير
من الناحية الجغرافية: لا شك أن بناء الجدار قد كلف الجامعة الكثير من قدرتها على الصمود أو جذب الطلبة. فقبل الجدار كان من السهل على طلبة القدس التحرك وبدرجة أقل كان يمكن لأبناء الجامعة زيارة المدينة رغم المنع الرسمي منذ عام 1990. الجدار قطع العلاقة بين شطري الجامعة داخل المدينة في بيت حنينا وخارج الجدار في أبوديس. وهزال تطور المنطقة يجعل الوضع أكثر تعقيدا.
من الناحية السياسية: تمثل الجامعة أكبر مؤسسة فلسطينية فاعلة في محافظة القدس ودروها السياسي طبيعي بحكم الموقع وربما بحكم مشاركة عدد من إدارتها بأنشطة سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية.
ودور الجامعة السياسي مفروض بحكم تقسمها بين بيت حنينا وأبوديس. وهذا سلاح ذو حدين فهي يمكن أن تكون نقطة تفاعل ولقاء رئيسة للموقف السياسي العام ووضع القدس بشكل خاص. لكن هذا الدور يعرضها لمحاربة من نوع خاص من قبل الإسرائيليين لتحييد دورها السياسي المحتمل. وتبين سريعا أن محاولات التفاعل تصطدم باستراتيجية عدائية تريد تفريغ القدس وإضعاف الجامعة أو ربما زوالها كخطوة لسلخ القدس وتدمير محيطها. وهذا دور سياسي مهما سمي بغير ذلك.
ليس صدفة تعرض الجامعة لصعوبات تتعلق بالاعتراف بشهادتها لأبناء القدس بخصوص ترخيص العمل والاعتراف بشهادة أي جامعة فلسطينية أخرى بالضفة باستثنائها. فوق هذا فوضع الجامعة المالي لا يتناسب مع موقعها المفترض من وجهة النظر الفلسطينية أو أي جهة تؤمن بحق الفلسطينيين بالقدس. من الغريب أن تكون جامعة القدس الأقل من كل الجامعات الفلسطينية من ناحية الاستقرار المالي.
ومع أنها ربما تحصل على مساعدات بما يناسب حجمها فإن تكاليف التواجد بالقدس والوضع السياسي المرتبط به أكثر من تكاليف أي جامعة أخرى. ومن لا يصدق عليه تجريب تكلفة أن يكون في مركز دائرة الضوء ومستهدفا في نفس الوقت.
نشوء خاص وولادة صعبة
ولو اقتصر الأمر على هذا لربما أمكن إيجاد تسوية معقولة. لكن الأمر يزداد صعوبة عندما نعرف أن الجامعة تشكلت باتحاد معقد لعدد من الكليات ضمن منطقة القدس. وتوحيد مؤسسات قائمة على أسس مختلفة يكلف أكثر من تأسيس من الصفر. وهذا كلف الجامعة في مرحلة توحيدها منذ عام 1995-2000 انتهت بحمل ثقيل وتركة تربك التخطيط بالتأكيد وتضعف التركيز وتصنع سلوكا قدريا وحالة غير شعورية من الفوضى تزيد من تفاقم الأمر.
حاولت الجامعة تجاوز الأمر في البداية من خلال دعم السلطة في عهد أبي عمار وجذب عدد من الفعاليات ذات النفوذ المالي ولكن يبدو أن ذلك لم يحقق الهدف. الجامعة تعاني بشكل عميق وسوف تستمر كذلك اذا لم يعترف الجميع أنها مستهدفة بشكل خاص لأنها من القدس بدأت. بالمقابل نستطيع القول أن نجاح جامعة القدس وازدهارها سوف ينعكس بشكل مباشر على العلاقة بالمدينة ويعمق الانتماء لها كجزء من الاستراتيجية الفلسطينية.
الوضع المالي لجامعة القدس
لن نخوض في هذا الأمر لأن الجامعة تعلن وضعها المالي على موقعها وليس هناك سر أنها تعاني من عجز رغم كل خطط الترشيد أو التطوير وبعض الدعم الاستثنائي خلال السنوات الماضية. ملخص الوضع أن الجامعة تعاني من عجز سنوي في الميزانية التشغيلية حوالي 3 مليون دولار.
ولو تم ترشيد الصرف حتى العظم فلن يوفر ذلك حلا استراتيجيا مع الاعتراف أن خطط الترشيد المفترضة اذا نفذت بحكم الحاجة وضغط محدودية الدخل ربما تنتج ضررا أكثر من منفعة. فإيقاف بعض الامتيازات للطاقم الإداري والأكاديمي والاستمرار بمزيد من التقشف متزامنا مع عدم تمكن الجامعة من توفير رواتب العاملين يمكن أن يصنع حالة غير خطية يصعب التنبؤ بأبعادها.
حل المشكلة لا يتم بتوفير بعض المصاريف رغم الاعتراف بأهمية ذلك لأنه يمثل جزءا فقط من حل أكثر جذرية يتناسب مع موقع القدس السياسي والثقافي.
ثانيا- لماذا تحتاج جامعة القدس لدعم خاص
حاجة المنطقة لازدهار وتطور الجامعة
بعد التمهيد يظهر واضحا لماذا تحتاج جامعة القدس لدعم خاص يختلف عن بقية الجامعات الفلسطينية. فوضعها السياسي الجغرافي الذي أهلها قبل الجدار لتكون نقطة الربط الجامعة لفلسطين حولها الجدار إلى ممر صغير يفصل بين جنوب وشمال يتأقلمان مع فكرة الفصل بين شطري الضفة. فوق هذا فتوحيد الجامعة أورثها عبئا تحتاج لدعم خاص للخروج منه فوق توزع الجامعة بين حرمين هناك أهمية قصوى لبقائهما فعالين.
بالإضافة لهذه العوامل الاستراتيجية التي تكفي أي مؤمن بقضية القدس وفلسطين ضرورة تمييز الدعم نود أن نضيف بعض المقارنة التقنية بين جامعة القدس والجامعات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية. وحتى لو تساوت القدس في هذا العوامل تظل كفة الترجيح لصالح دعم خاص لها قائمة فكيف إذا كانت المقارنة مرة أخرى لصالحها.
بخصوص الأنشطة العلمية والبحثية والعامة:
تعتبر جامعة القدس من أفضل من يقوم بأنشطة ثقافية سياسية عامة ورصد ميزانية للتطوير البحثي والعام وهي من الأكثر في إنتاج الأبحاث أو عقد المؤتمرات العلمية وتتساوى أو تسبق الجامعات الأخرى في مستوى الحرية الأكاديمية. من ناحية مكافآت الهيئة التدريسية هي الأفضل في تسهيل إجازات المؤتمرات والتفرغ العلمي والنشاطات البحثية.
بخصوص التكاليف التشغيلية والخدمات النموذجية:
تمثل الجامعة الوسط في معدل التكلفة للطالب وعدد الطلبة لكل أستاذ والمساحات المتوفرة. وهي تمثل تكاليف متوسطة مقابل أداء أكثر من المتوسط وهذه شهادة لصالحها من ناحية كفاءة استخدام رأس المال رغم السمعة العكسية. ملخص الأمر أن جامعة القدس في أسوأ الحالات تعتبر كغيرها من الجامعات من ناحية الصرف ومن الأفضل من ناحية الإنتاج. استحقاقها لدعم خاص يتأكد مرة أخرى بسبب العوامل السياسية الثقافية والتاريخية المرتبطة بنشأة الجامعة.
علاقة بقاء جامعة القدس وتطورها وازدهارها بأسس صمود مدينة القدس
للقدس مكانة خاصة في قلوب العرب والمسلمين لكن هذه المنزلة الخاصة لا تترجم بشيء مهم تقريبا. الدعم العربي والإسلامي للقدس منذ عام 1967 يقل عن 2% من استثمار إسرائيل بالاستيطان في القدس غير مشاريعها التطويرية. أكثر من خمسين ضعفا قيمة التزام اليهود بالقدس مقابل من يعتبرونها أولى القبلتين. لو توفر الحد المعقول لمدينة القدس فسيكون دعم جامعة القدس تحصيل حاصل لأنها ستكون دينامو ومركز الأفكار والدراسات فالعلاقة بين صمود القدس وجامعة القدس عضوية ودائمة.
تحتاج مدينة القدس خطة دعم خاصة ومميزة رغم الاعتراف بحاجة كل شبر في فلسطين للدعم. ووجود بعض الخلل في آليات الصرف السابقة على المدينة لا يبرر عدم الدعم. ورغم الحديث الكثير عن ذلك إلا أنها وقائع تفقد الغرض من استخدامها عندما نقارن بين التمويل العربي والإسلامي مقارنة باليهودي.
وبحكم موقع ودور جامعة القدس فهي الأولى بوضع الدراسات والمقترحات اللازمة لخطة استراتيجية لدعمها سياسيا واقتصاديا وثقافيا. من المهم دعم الجامعة لتخرج من أزمتها التاريخية ولتكون بمستوى التحدي المطلوب تحقيقه للقدس.
هناك الكثير من الأموال التي تتحرك في فلسطين تبحث عن أوجه صرف ولا تفكر كثيرا كيف يمكنها دعم قضية القدس وفلسطين. لكن هذا جزء من المشكلة ولا نتوقع من مثل هذا المال جزءا من الحل.
ثالثا- استراتيجية تمويل خاصة للجامعة
مصادر التمويل الذاتية: لا مفر من الدعم الاستراتيجي والخارجي.
من خلال قراءة لمصادر التمويل الحالية والمصاريف الدورية ونسبة العجز يمكن الوصول للاستنتاجات التالية وذلك من خلال تحليل مالي بحت لا يأخذ بالاعتبار العوامل السياسية والمحيطة والتي تطرقنا لها سابقا.
1- في حالة التقشف يمكن للدخل تغطية 70% من المصاريف. وفي حالة تقشف صارم ربما يتحسن الأمر بنسبة 5%. ويمكن اعتبار هذه الأرقام سقفا لقدرة الجامعة الذاتية حاليا وعلى مدى 5 سنوات.
2- رفع الأقساط طبعا سيخلق مشكلة لأن أقساط الطلية في فلسطين متعادلة وهي مرتفعة نسبيا ومن غير الممكن رفعها وتوقع تفاعل الطلبة إيجابا. وأهم مخاطر الرفع غير المدروس تؤدي إلى نقص حاد في عدد الطلبة المنتسبين مما يحقق خسارة أكبر من الزيادة المأمولة بالدخل بالإضافة لأضرار أخرى. وربما تكون خسارة الطلبة المتفوقين أكثر من الجانب المالي عمليا.
3- ربط الأقساط بسعر التكلفة أي برفع الأقساط بطريقة تجعل الدخل مساويا للمصاريف. ومن ثم طلب مساعدة خارجية تغطي الفرق بين الأقساط الإسمية والمدفوع الفعلي من الطلبة. فوق هذا أن تتم تقوية نظام الخصم للمعدلات المرتفعة والطلبة المتفوقين بشكل أكثر استقرارا وبلورة أكثر للحالات الاجتماعية.
4- التعليم الموازي لن يثمر كثيرا بسبب اقتصار التوجه على كليات الهندسة والطب والصيدلة وهذا ربما يضيف 200-300 طالب أو دخل إضافي من نصف إلى مليون دولار لن تحل المسألة فوق الاعتراف بسلبيات النظام الموازي على التحصيل العلمي ومن ناحية فلسفة عملية.
5- بخطة متوسطة المدى يمكن توقع ارتفاع الدخل من خلال ازدياد أعداد الطلبة الطبيعي واستغلال الطواقم الإدارية والأكاديمية بكفاءة أكبر. وهذا مطروح ضمن خطط التنمية من قبل الجامعة. المشكلة أن هذا لن يؤتي أكله إلا بعد فترة طويلة نسبيا ومن الصعب الاعتماد علية ضمن خطة قصيرة المدى وملحة.
الترشيد والإدارة المميزة بما يناسب خصوصية القدس
الغرض الأهم من الترشيد هو حسن الأداء والحكم العادل أكثر منه إنقاذ ميزانية الجامعة. المبالغة في الاعتماد على الترشيد لحل الأزمة المالية ربما تدفع بها الى التخطيط بعقلية شركة ربحية وهذا سيضعف الكثير من مميزاتها وعلينا الحذر من ذلك. ومع الاعتراف أن العجز المالي يفرض الكثير من القيود التي تجبر على سياسات غير محبذة أصلا إلا أن هناك حدودا ليبقي الترشيد رشيدا.
تتلخص آليات الترشيد في إلغاء بنود صرف إدارية غير مهمة ومكننة العمل الإداري وتلزيم بعض الخدمات تعاقديا وهذا مطروح ضمن خطة الجامعة القائمة ويمكن الاعتماد عليه. ورغم جاذبية الاعتماد على الدوام غير المتفرغ إلا أن تجاوزه نسبة معينة من حجم الهيئة التدريسية وتجاوز تغطيته لمساقات عامة وليست تخصصية سوف يكلف ثمنا ويساعد على فقدان كفاءات محتملة وربما الى انخفاض بمستوى الأداء. أهم بنود الترشيد هو سداد الديون وخدمتها لأن ذلك سيوفر سيولة من جهة ويعطى مصداقية للتخطيط طويل المدى ويوفر خدمة الديون.
تمويل استراتيجي وخارجي نقترح أربعة توجهات
1- تمويل من خلال حليف استراتجي يؤمن برسالة القدس وخصوصيتها
ربما هذا هو الحل المثالي فالقدس والجامعة بحاجة لحليف استراتيجي يؤمن برسالة الجامعة ودورها السياسي والثقافي لدعم القدس وللتعبير عن وزنها عاصمة لفلسطين.
كيف نرى هذا الحليف. أن يكون مجموعة ملتزمة من عدد معين من ذوي القدرة على توفير دعم ثابت وبنسبة فعالة ذات فرق. نقترح أن يكون الحد الأدنى لتعريف الحليف الاستراتيجي هو توفير مليون دولار سنويا نقدا أو مشاريع. ونبحث عن 10-15 حليف يتم تشكيل مجلس دعم منهم يمثل مؤسسة رسمية تدعم صندوق جامعة القدس الذي نقترح تأسيسه. ومن المتوقع توفير صلاحيات لمجلس الدعم تتعلق بأوجه صرف التمويل المتوفر من قبلهم وربما مشاركة عدد منهم بصفة تمثيلية ضمن أمناء الجامعة. من المتوقع طبعا تأسيس المجلس الجديد حسب تقدم الأمور وبتنسيق مناسب مع مؤسسات الجامعة. طبيعة الرواد يمكن أن تشمل مؤسسات مالية أو تجارية ومن المفضل أن تكون مؤسسات غير ربحية.
مهمة المجلس الجديد حل مشكلة الجامعة الاستراتيجية وليس تقديم دعم طارئ فقط. طبعا نتوقع من المجلس انتماءا وطنيا ودعما للثوابت الوطنية وان لا يتم توجيه دفع الأموال خارج حدود هذه الأطر الوطنية العامة.
2- تمويل من خلال مشاريع اقتصادية مساندة تنتج دخلا
يمكن للحليف الاستراتيجي المشاركة بأنشطة مختلفة تشمل تغطية نسبة من أقساط الطلبة أو تأسيس مشاريع منتجة للدخل. ليس المقصود هنا فقط مشاريع اقتصادية بحتة وانما مشاريع بحثية وتعاون واسعة مع جامعات دولية مرموقة وفتح برامج مشتركة تسهل إمكانية توفير الدخل وتخدم بنفس الوقت الهدف العلمي والثقافي.
وتشمل أيضا تأسيس بعض مراكز ذات أنشطة تتعلق بالوضع السياسي والفكري العام ووضع الدراسات المتعلقة بدعم القدس. من المفضل من البداية اشتراط تمويل من خارج ميزانيات الجامعة. القائمة المحتملة طويلة ومن المفيد عند نقطة معينة تأسيس هيئة تشرف على تنسيب المشاريع وتوفير الدعم وبالتنسيق القوي مع مؤسسات الجامعة.
3- تمويل من خلال أصدقاء جامعة القدس
فكرة توسيع قاعدة الدعم من خلال تأسيس جمعية أصدقاء جامعة القدس يمكن أن تشمل الأنشطة السابقة لكن دورها الرئيس توسيع قاعدة العضوية للأعضاء العاديين من خلال الدعم الصغير نسبيا مقابل امتيازات معينة.
مثل هذا النوع من النشاط بطيء وغير مستقر عادة ومن الصعب الاعتماد عليه لحل المسائل المستعجلة الطارئة. لكنه مهم لتوفير تمويل طويل المدى وقاعدة أصدقاء واسعة يمكن من خلال نشاطها توفر مبادرات وحلول غير متوقعة بل ربما توفر ممولين استراتيجيين في أوقات غير معلومة. وهذا سيكون رافعة أخرى لنجاح المشروع الاستراتيجي.
4- تمويل حكومي وطارئ
رغم صعوبة الأمر الا انه ضروري ويتطلب تدخلا حكوميا. ومن خلال تصور واضح يمكن تجنيد أبناء القدس والجامعة لطلب دعم طاريء لا يرتبط بمحاصصات مع بقية الجامعات.
ساحات التمويل المحتملة
1- الدول العربية والإسلامية
من المألوف انطلاق طلب الدعم نحو دول الخليج وهذا طبيعي بحكم توفر السيولة لديهم. لكن هناك مشاكل كثيرة مرتبطة بهذا الدعم وهي كثرة السائلين بحيث يشعر المتبرعون ذوي النوايا الطيبة أنهم يتعرضون لاستغلال. ويتم تعميق ذلك الشعور عادة من خلال الترويج لعمليات إساءة استخدام من قبل البعض مع الاعتراف أن إساءة الاستخدام حصلت وتحصل وسوف تستمر بالحصول.
من المهم إذن أن يكون التوجه مدروسا ودقيقا وألا يتم تهميشه بكثرة المحاولات غير الموفقة. ويتم ذلك من خلال تحديد شخصيات أو مؤسسات والتواصل معها ضمن استراتيجية واضحة وتأطير دورها ومساهمتها من خلال فكرة مجلس الدعم الذي يعبر عن وجهة نظر الداعمين ورؤيتهم.
في نفس الوقت من المناسب التوجه لمؤسسات أخرى بدول عربية مختلفة مثل دول المغرب أو الشام ودائرة أوسع من الدول الإسلامية تشمل تركيا وماليزيا وغيرها.
2- الدول الغربية
تمتلك الدول الغربية البرامج التي تدعم الشعب الفلسطيني. ويبدو منطقيا طلب اعتماد جزء منها لدعم الجامعة لكن من الصعب توقع الدعم من خلال برامج الدعم الدولية على شكل سيولة بحكم تقاليد التمويل. ولكن ربما يمكن الاستفادة بطريقتين: الأولى من خلال مشاريع بحثية إنتاجية تقع ضمن مشاريع تقبل التمويل وذلك بتركيز أكبر من القائم حاليا. والطريقة الثانية من خلال البحث عن مؤسسات غير حكومية.
من الأفضل البحث عمن يؤمن بقضية القدس وعلينا الاعتراف أننا لن نحصل على دعم كبير من غير ذلك رغم الانطباع الأولي أن إدخال السياسة ربما يضعف الحملة. في الغرب هناك مؤسسات تدعم الفلسطيني مثلما تدعم إسرائيل وعلينا فرز ذلك.
التركيز على دعم القدس ربما يستفز مؤسسات موالية لإسرائيل لكنه لن يستفز من يحبون التعايش. علينا التوضيح لمن يدعمون التعايش أن ذلك لن يكون ممكنا دون بقاء عروبة القدس بمستوى مقبول من الاحترام.
3- المجتمع الفلسطيني
ربما من الصعب تصديق أن مجموع السيولة المتوفرة لأبناء الشعب الفلسطيني في الخارج والداخل والقابلة للتحريك والاستثمار تتجاوز 100 مليار دولار. هذه الأرقام الكبيرة تنافس ممتلكات أثرياء اليهود في العالم ومعرفتها تجعل من فقر الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال فضيحة. لكن هذا جزء من الواقع السياسي.
وبشكل عام فان رؤوس الأموال الفلسطينية الكبيرة لا تخدم مشاريع تنموية حقيقية مع أن جزءا مهما من استراتيجيات التنمية الوطنية استعانت بهذا المال رغم دوره السلبي.
بالمقابل هناك ما لا يقل عن نصف السيولة الفلسطينية مملوك من ملتزمين بقضية فلسطين بل يريدون المشاركة بها للتنمية. المشكلة أن عددا قليلا من ذوي الميل السياسي تجاوز وغطى على الآخرين. البحث عن الملتزمين ليس صعبا لكن إيجادهم والاستفادة منهم يتطلب التحرر من قبضة الاحتكارات.
تأسيس جمعية أصدقاء القدس يمثل مبادرة جيدة لأنها سوف تكشف وتفرز الأفضل من خلال قاعدة دعم واسعة دون دوافع خاصة أو أجندات. ومن خلال هذه القاعدة سيسهل الوصول لذوى الدعم غير المشروط من كبار أصحاب الدخل. لكن هذا سوف يحتاج لبعض الوقت.
رابعا – آليات الحصول على التمويل الخارجي والخاص ووسائل توجيهها
هذه سوف تكون الأصعب والأكثر تحديا وستحتاج الى أفكار وعلاقات جديدة لكنها ممكنة في نفس الوقت ونجاحها يعتمد الى درجة كبيرة على أن لا تكون ملحة. من الصعب بناء دعم طويل المدى وكبير الحجم بوقت قصير. الدعم الطارئ يمكن بل يجب أن يكون مؤقتا أما طويل المدى فيتطلب رؤية واتصالات متكررة وسمعة مناسبة وانطباعا بالنجاح والأمل.
دور إدارة الجامعة التنفيذية هناك مجموعة من المسئوليات تقع على الإدارة التنفيذية للجامعة أهمها تجنيد الدعم لخطة العمل من أكبر عدد من العاملين والشفافية في التعامل مع الأمر وتخفيف أوجه الصرف اللامعة فالانطباع مهم للتصرف بثقة تجاه المستقبل. نفترض أخيرا قدرة جهاز الجامعة الإداري على وضع الخطط التفصيلية والدراسات ذات العلاقة.
دور مجلس الأمناء تنمية الموارد تقع ضمن صلب عمل مجلس الأمناء. من المفترض مشاركة المجلس بشكل أو بآخر في تنفيذ الاستراتيجية ودعمها ومن الضروري توفير ما يلزم لتغطية بعض الاتصالات الضرورية المتعلقة بالخطوات التنفيذية. من الضروري أيضا العمل على توفير الدعم الطارئ. وأخيرا من المهم المساهمة الفعالة في استيعاب أدوار استراتيجية لأي جهات داعمة محتملة.
دور السلطة الفلسطينية تنفيذ التزامات السلطة لما تعهدت به لمجمل الجامعات. وتوفير دعم طاريء إضافي (2-3) سنوات دون ربط ذلك ببقية الجامعات واعتباره جزءا من دعم القدس وبالتنسيق مع ذوي العلاقة.
دور العاملين بالجامعة
للعاملين تجربة طويلة وبعضهم يائس من إمكانية إصلاح الوضع المالي بسبب قدم المشكلة. لكن هناك أيضا قطاع كبير من العاملين يتفاعل بصدق مع مستقبل الجامعة إن لم يكن من ناحية مبدأية فعلى الأقل بسب ارتباط مصيره بنجاحها.
يمكن الاستفادة من مساهمات فعالة من العاملين من خلال بعض الندوات أو الجلسات الدورية بحيث يعرف العاملون مستوى وصعوبة المشكلة والاستماع لمقترحاتهم. من المهم تعميق التنسيق مع نقابة العاملين. وأخيرا من الطبيعي التشاور الكافي مع أكبر جسم ممكن من العاملين قبل إصدار قرارات تقشفية مؤثرة.
خامسا- توصيات عامة
- تأسيس صندوق تمويل لجامعة القدس.
- تطبيق استراتيجية ترشيد معقولة وواقعية وإعادة هيكلة.
- حملة الإعلامية العامة: تشمل لكنها أوسع من مسألة التمويل.
- مشاريع تنموية ربحية وبحثية.
- موازنة العامل السياسي والإداري والمالي
سادسا- توصية خاصة بشان تجاوز مشكلة الاعتراف بشهادة جامعة القدس داخل مدينة القدس
تتلخص المشكلة في رفض وزارة المعارف الإسرائيلية اعتماد شهادات تحمل اسم جامعة القدس طالما أصرت على وحدنها الإدارية بين بيت حنينا داخل القدس وأبو ديس خارج الجدار والإبقاء على اسم القدس جامعا لها مما يحرم الخريجين من أهل القدس الاستفادة منها للعمل في القدس أو إكمال الدراسة في الجامعات الإسرائيلية. والأهم طبعا توفير فرص العمل.
تبدو هذه المشكلة بدون حل. فالإسرائيلي لا يريد بقاء جامعة القدس موحدة وبنفس الوقت يضيق على الخريجين بعدم الاعتراف بينما يعترف بشهادات بقية الجامعات الفلسطينية مما يدفع طلبة القدس نحو الانتظام بجامعات إسرائيلية أو فلسطينية أخرى وقد بدأ ذلك يظهر على عدد الطلبة المسجلين من حملة هوية القدس.
بالنسبة للجامعة فالحل المطروح إسرائيليا غير ممكن القبول لأن التخلي عن وحدة الجامعة يعادل الاعتراف بضم القدس وهو أيضا انتحار للجامعة كمؤسسة رئيسية للتعليم بفلسطين.
لقد اقترحت جامعة القدس موقفا من الجامعات الأخرى من خلال آلية تغطية قانونية لكن لم تقف أي جامعة معها حتى الآن فماذا يعني ذلك وأين وحدة الموقف الفلسطيني ودعم القدس.
إن الموقف الحالي يعني تحويل الطلبة من القدس إلى الجامعات الأخرى مع الاعتبار أن خريجي التوجيهية لمنطقة القدس يصل لحوالي 4000 طالب ينتظم معظمهم بالقدس في الوضع الطبيعي ويتم تشتيتهم بشكل موجه من القدس في الوضع الحالي.
الحل الآن في كرة مجلس التعليم العالي ليصدر قانونا يضمن بقاء طلبة القدس منتظمين بها مع تجاوز لرفض إسرائيل الاعتراف بالشهادة وهذا الحل ممكن وسهل ويتطلب التزاما أخلاقيا وقانونيا. نهيب بالحكومة الفلسطينية السرعة في البت بهذا الأمر لأنه يقع ضمن صلاحياتها واخص خصوصيات الصمود دون تبعات مالية إضافية على أحد.