وجيز تاريخ بني إسرائيل

January 12, 2025 Off By Salman Salman

وجيز تاريخ بني إسرائيل

لم تكن فلسطين موقع دولة داوود ولذلك لا يمكن إيجاد آثار لها. أما عدم ذكر بني إسرائيل في مصر فلأنهم كانوا شرذمة قليلون لا يمثلون وزنا سياسيا. حادثة الهروب لم تكن مزلزلة لأن فرعون الذي غرق وهو ابن رمسيس الثاني تم تحنيطه وأسدل ستار عما حصل معه. هذه كانت عادة التاريخ عند الفراعنة يسجلون انتصاراتهم ولا يسجلون نكسات.

لكن ذلك لا يلغي أن جزءا من بني إسرائيل حصلوا على حالة استثنائية زمن يوسف حيث تقربوا منهم وصاهروا أبناء يعقوب ونشأ من ذلك آل عمران الذين ظهر منهم كل أنبياء بني إسرائيل ومنهم موسى.

كل ما فعل يوسف أنه استلم وزارة المال عند الهكسوس وبذلك لم يكن له دور في حضارة المصريين بل كان جزءا من العدو. لم يكن يوسف مكلفا كرسول لأي أمه ولذلك لم تكن له دعوة.

كان بنو إسرائيل شرذمة قليلة لا يمكنهم مواجهة حكم الفراعنة فاختاروا الانغلاق بين أنفسهم والتقرب من الحكام لتنمية المال وتأمين الحماية. لذلك كانوا دائما وصوليين ونشأت هذه العقلية عندهم قبل موسي بما لا يقل عن 700 سنة حين كانوا يعيشون بمصر كأقلية صغيرة.

قبل موسى كان بنو إسرائيل قد انقسموا إلى من كانوا حول يوسف وهرب أغلبهم لبلاد الشام بعد هزيمة الهكسوس وورث منازلهم وأملاكهم بنو إسرائيل الموالين للفراعنة. كانوا حين يضعف الحكم يتقربون من القوي المناوئة مما أنتج نقمة عليهم قبل رمسيس الثاني بسبب تواصلهم مع من كانوا في فلسطين للتآمر وتم حصارهم وقتل أطفالهم زمن رمسيس الذي حكم فلسطين وحارب الحثيين لفترة طويلة وذلك انتج محنة أم موسى.

قبل ولادة موسى حصل صلح بين رمسيس الثاني والحثيين تم من خلال أول معاهدة مسجلة، وتزوج فيها رمسيس ابنة ملك الحثيين وتعهد بحماية أبنائه اذا تعرضوا للأذى. كانت ابنة ملك الحثيين أصبحت ملكة باسم مصري وتم تكريمها كثيرا لكنها اختفت من المسرح بعد فترة قصيرة حين أنجبت ابنة ماتت وهي طفلة ولم تنجب غيرها وتزامن ذلك مع ولادة موسى ورمي أهله له في النيل واكتشافه وتبني زوجة فرعون له. كان ذلك حوالي 1245 قبل الميلاد.

حسب القرآن فقد قتل موسى مصريا حين حاول مساعدة إسرائيلي وعرف الناس فهرب إلى مدين 100 كم شمال مكة عن طريق البحر الأحمر بالسفن. بقي في مدين لمدة 10 سنوات حيث تزوج بمهر خدمة للعائلة تلك الفترة ويمكنه السفر بعد ذلك.

قرر السفر وهو بسن الأربعين تقريبا فجاءه أمر الله وهو يترك مدين متجها في الأرجح تجاه مكة. هذا يعني أن طور سينين يقع قريبا من مكة. تم تكليفه بالذهاب لمصر رغم أنه مطارد لدعوة فرعون للإسلام. فان قبل فرعون يعيش بمصر وينقذ بني إسرائيل من الضنك وإن رفض يتم تهريبهم. لأنهم شرذمة قليلون فالهروب لا يمثل قضية تاريخية.

تم تكليفه بدعوة فرعون للإسلام وكان فرعون ابن رمسيس الثاني يعرفه لأنه تربي في بيت رمسيس. حين حضر لدعوة الفرعون رفض ذلك وقرر قتل بني إسرائيل جميعا لأنه تحداه بان يسلم لرب موسى.

كانت النتيجة هروب بني إسرائيل إلى الجزيرة وإلى مدين تحديدا. قضى موسى بقية عمره يصارع جبن وخيانة بني إسرائيل وعقابهم حيث كانوا يمرون بتجربة إثبات الصلاحية ليكونوا جند إبليس. لكن لم ينقطع حبل الإيمان بينهم ضمن آل عمران الذين مثلوا عصبة صغيرة من بني إسرائيل أخوالهم من آل يعقوب وكانت النبوة بينهم تحديدا.

قامت دولة داود في موقع متوسط بين اليمن ومكة على بعد 400 كم شمال مأرب. كان عددهم قليلا وكان نصرهم دون حرب وتم من خلال قتل داوود لجالوت. قبل قوم جالوت بحكم داوود بسبب الدعم الإلهي وليس بسبب تقوق وبطولات بني إسرائيل.

استمر الأمر 70 عاما في عهدي داوود وسليمان، وأسلمت دولة سبا المجاورة. بعد وفاة سليمان فسدت دولة داوود وسبأ وانتشر الفساد لدرجة قطع طرق التجارة. تزامن ذلك مع عهد نبوخذ نصر المؤمن الذي كان من تبعية النبي يونس الذي جاء قبله بحوالي 300 سنة، وهومن نسل ابراهيم. وقد سيطر نبوخذ نصر على بلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة. وحيت قطع بنو إسرائيل الطرق التجارية من اليمن فقد غزاهم وشردهم وسبى أعيانهم إلى بابل وكان يقبل المؤمنين منهم وبني مع المؤمنين علاقات تقوم على أخوه الإسلام.

لكن لأنهم بالأغلب فاسدون لم يطل الأمر وتعاونوا مع الفرس لتدمير بابل بعد وفاة نبوخذ وضعف الدولة الكلدانية. عاش بنو إسرائيل الشرذمة القليلة مساعدين وخدما مفسدين لدولة الفرس الإخمينية التي بقيت 200 سنة حتى جاء الإسكندر ودمر دولتهم وهو ممن أحفاد من تم تشريدهم قبل 200 سنة من الشام والعراق ومصر.

حكم السلوقيون الشام والعراق وآسيا الصغرى و البطالمة مصر. كان وزن بني إسرائيل يقارب الصفر وقد سمح لهم السلوقين بإقامة معبد حوالي 170 قبل الميلاد وكان الملك من يعين كاهنهم. وقد منع دينهم بعد سحب أموالهم فحاولوا الثورة فقضى عليهم، لكن بعد وقاته تم إعطاؤهم حكما مدنيا على أنفسهم مع ولاء مطلق للسلوقيين.

في تلك الفترة قاموا بكتابة التوراة بما يناسب سردية أن أصلهم من فلسطين وأعادوا إسقاط التوراة ونصوصها التي وصفت دولة داوود في الحجاز إلى دولة داوود في فلسطين.

وقد بالغوا في تصوير جبروتهم وقوتهم لأن عقدتهم التاريخية كانت أنهم شرذمة قليلون ولم يكونوا محاربين ولا يصلون إلا من خلال التلطي للأقوياء وتحريض الناس على الفساد.

استمر الأمر كذلك حتى جاء الرومان فحاولوا بناء نفس الدور لكنهم فشلوا بعد فترة وتم طردهم من المنطقة. ليس هناك آثار مشهودة لذلك لأنهم كانوا دائما شرذمة قليلون. الباقي معروف بعد دعوة عيسى.

أما أصل بني إسرائيل

المرجح أن جدهم إسرائيل كان من أحفاد ممن كانوا مع نوح وعاشوا في العراق لأن اسم إسرائيل يعني عربيا عبدالله وقد تم تحوير اسم الله في تلك البلاد إلى إيل وإسرا تعني العبد أو الخادم. هاجر إسرائيل ربما في عهد أو قبل عهد البابليين الأوائل أو ربما الأكاديين حوالي 2100 قبل الميلاد.

ذهب لمصر وكان صالحا وحيث مصر دولة عظمى فقد عاش كفرد وأسرته مسالما وإن أراد البقاء ونشر الإيمان. لكنه لم يكلف يوما بنشر الدين.

عاش وأنشأ عائلة ربما أصبح تعدادها بضعة آلآف زمن سقوط مصر بيد الهكسوس عام 1700 قبل الميلاد. وقد ترعرع الأبناء على التقرب من الملوك وجمع المال فتقرب جزء منهم إلى الهكسوس لكن بقي جزء مع الفراعنة الذين ظلوا في طيبة بالجنوب.

تأسست عقلية الانتهازي الضعيف والوصولي على مدي قرون وذلك يفسر كيف تعاملوا مع عهود الفراعنة بعد طرد الهكسوس كما شرحنا أعلاه