هل تنبأ الإمام علي بداعش

February 3, 2025 Off By Salman Salman

هل تنبأ الإمام علي بداعش

د. سلمان محمد سلمان أستاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية – قلقيلية- فلسطين

24-7-2014

نشرت الصحفية البريطانية كاثرين شاكدام مقالة عن تأثير نبوءات التراث على ما يجري فعليا في الميدان وكيف يمكن لإيمان بمقولة معينة تسجيل تاريخ يتقمص النبوءة.

تستذكر الكاتبة حديثا من “كتاب الفتن” عن نهاية العالم وضعه نعيم بن حماد في 229 هجري. ينسب فيه عن علي بن أبي طالب: “إِذا رأيتم الراياتِ السود فالزمـوا الأَرض فلا تُحركوا أَيدِيكم ولا أَرْجلكم. ثُم يَظهر قَوم ضعفاء لا يؤْبه لَهم، قلُوبهم كَزُبَرِ الْحدِيدِ ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لا يوفون بِعَهد و لا ميثَاق، يَدْعون إِلى الْحق وليْسوا من أَهله، أَسماؤُهم الْكُنَى، وَنِسْبتهم الْقرى، و شُعورهم مرخَاه كَشُعور النسَاء، حتى يَخْتَلِفُوا فيما بينهم ، ثم يُؤْتِي اللَّهُ الْحق من يشاء”.

وطبعا لا تعتقد الكاتبة بضرورة صحة التنبؤ أو الرواية لكنها توضح منطقيا أن إيمان الناس بما يحصل الآن كتحقق النبوءة هو ما يعطيها الوزن الخطير. وهذا الاستنتاج صحيح تماما.  فجزء من اليهود يؤمن بنهاية العالم لصالحهم من خلال نزول مسيحهم المنقذ. وبعض المسيحيين وبوش الصغير تحديدا اعتقدوا بسيناريو لنهاية العالم يبدأ من تدمير العراق وهكذا عمل من أجل تحقيق النبوءة. وعندما تنبأ أحد فصائل المسيحيين المتطرفين بضرورة سقوط أميركا بعد سقوط العراق اعتبروا الأزمة المالية إشارة وبدأوا العمل على تسريع النبوءة.

ويؤمن السنة أن نهاية الزمان يسبقها عودة الخلافة الراشدة ومن ثم ظهور المهدي وعودة المسيح وما يحيط بذلك من إشارات انتشار الفساد والقتل. ويؤمن الشيعة بعودة الإمام المختفي ويسبق ذلك أكثر من 21 إشارة تحقق أغلبها ولم يبق الا سقوط السفياني حاكم الشام ومن ثم سقوط حاكم الحجاز ومن ثم حرب ضد أهل البيت وانتصارهم بظهور المهدي.

وحسب رأيي فكل هذا رجم بالغيب ولا يزيد عن التكهنات. فالغيب لا يعلمه إلا الله والساعة تأتي بغتة. ومن الصعب تصديق قضاء الناس حياتهم في قراءة مقدماتها وتيقنهم من قربها. فما الذي يبقى من بغتتها إن كانت تأتي بمقدمات طويلة.

في الربيع العربي وعندما بدأت الفتنة في سوريا اعتقد بعض من الشيعة أن سقوط حاكم سورية يمثل إحدى إشارات الساعة وظهور المهدي. وهذا يعني أن بعض حلفاء الأسد رغم دعمهم له آمنوا بسقوطه لتحقق النبوءة. لحسن الحظ لم يصل ذلك الإيمان لدرجات عالية لتسريع تحقيقه ذاتيا من خلال رفع الدعم أو تسهيل سقوط النظام.

ويظهر الحديث أعلاه الآن لتفسير ظهور داعش. وطبعا هناك مشابهة بمن وصفهم الحديث مما يعطي وزنا لتحقق النبوءة. لا يذكر الحديث من ينتصر لكن ذلك غير مهم فما دام المهدي سيظهر قريبا فهو سيحقق النصر في كل الأحوال.

ويبقى سؤال يطرح نفسه: في بداية الحديث أمر علي الناس ألا يتحركوا حين تظهر الرايات السود. ومن ثم يظهر من يصفهم الحديث بالضعفاء ومن لا يؤبه لهم وقلوبهم كزبر الحديد. وهذا يعني أنهم ليسوا أول من يرفع الرايات السود. وهنا يتم تجاوز التعارض دون محاولة تفسير انفصال المعنى.

وقبل أن أطرح تفسيرا منطقيا لا بد من ذكر حديث منسوب للرسول يستلهمه الدواعش ويعتبرونه مفسرا لظهورهم والحديث عن نهاية الزمان وظهور الخلافة الراشدة وأنهم من تنطبق عليهم صفات أهل الخلافة

والحقيقة أن كل ذلك جزء من التاريخ وليس هناك جديد إلا الرغبة في تقمص مواقف حصلت أصلا. احتملوني قليلا فالروايات المشابهة كثيرة وقد حاول الكثيرون تقمص كونهم من ينطبق عليهم الوصف مما يساعد في تشابهه عليهم فيصدقون أنهم المعنيون. وهذه حلقة مألوفة من سيناريو التحقق الذاتي للنبوءة تحمل مصداقيتها من تقمصها لشروط تحققها دون ارتباط ضروري بالواقع. وسنذكر أدناه أمثلة سبقت.

قصة عودة المسيح

حسب القرآن فقد ذكر التبشير بالمسيح في التوراة وبالفعل كان بنو إسرائيل يذكرون دائما ظهور المسيح المنقذ لهم ويتوعدون أعداءهم أنه سيصلح الأرض ويعيد الحق وينصرهم على أعدائهم لأنهم أصحاب الحق.  وبهذا تم اختصار دورالمسيح من نبي لإصلاح الدين وتجديده لخير الناس إلى جنرال منقذ لبني إسرائيل.

وعندما ظهر المسيح اصطدم أحبار بني إسرائيل بطروحاته التي تناقضت مع مصالحهم الطبقية والسلطوية وظهر نقيضا لهم أكثر من منقذ.  طبعا في جو من هذا النوع أنكر بنو إسرائيل المسيح وحاولوا قتله واخترعوا أنه المسيح المزور أو الدجال. وكان ذلك ضروريا لأن معجزات المسيح كانت كبيرة ولا يمكن شطبها بالإهمال وتتطلب اختراع شخصية خارقة شريرة تخدع الناس. من المتوقع بعد مثل هذا الحادثة أن يصبح أحبار إسرائيل أكثر حرصا في طرح ظهور المسيح مفتوح الزمان فتوقفوا عن التهديد بظهورة وتم تأجيل ذلك ليصبح مرتبطا بقيام الساعة لمنع تكرار الحادثة. نتيجة اصطدام أحبار إسرائيل الفاسدين بالمسيح الحقيقي الذي جاء لينشر الخير ودعا للسلم كانت إنكاره واختراع المسيح الدجال وتأجيل المسيح لقيام الساعة هكذا. وعلينا على مدى ألفي عام تحمل هذا وتحويله ليتناسب مع تطورات العصور اللاحقة.

وقد استطاع اليهود تحوير القراءة الأولي لحواريي المسيح الذي رفعه الله إلى السماء بعد أن توفاه حسب القرآن مما لا يتطلب عودته فعلا إلى عقيدة مركزية في الدين المسيحي تتطلب عودته ما دام اختفى ولم يمت.  وطبعا نعرف كيف تطور المفهوم المسيحي لاعتبار المسيح “ابن الله” وأن صلبه الظاهري واختفاءه جزء أساس من صيرورة الظلم والعفو الإلهي والرحمة وأن عودته تحقق اكتمال الحالة. اتفق المسيحيون واليهود على ظهور المسيح آخر الزمان كل لأسبابه:  فاليهود يعتبرونه أول الظهور والمسيحيون عودته. وهكذا تم تأجيل المواجهة حتى آخر الزمان بل تمت صياغة معقدة لعودة هذا المسيح المزدوج مرتبطة بقيام دولة إسرائيل وهجوم الكفار عليها وانتصارها بعودة المسيح من وجهة نظر المسيحيين وبظهور المنقذ الموعود في التوراة من وجهة نظر بني إسرائيل. مرة أخرى علينا تحمل قيام دولة إسرائيل الظالم وتشريدها لأهل فلسطين واستمرار الصراع والنزاع مع كل محيطها حتى قيام الساعة.

لم يتطرق القران بتاتا لعودة المسيح. وكل ما ذكره أن المسيح الموعود في التوراة قد ظهر فعلا وأراد إصلاح الدين واصطدم مع بني إسرائيل الذين كذبوه لأنه لم يرض بفسادهم بل مثل ثورة على كل مفاهيمهم. وأنهم حالوا قتله فعلا وتحقق لهم ذلك بما شبه لهم ولم يصلب لكن توفاه الله ورفعه. وهكذا مات المسيح وانتهى دوره الدنيوي ببساطة ودون تفسيرات معقدة.

ولأسباب غير مفهومة تسربت مفاهيم الطرح المسيحي واليهودي للصورة الذهنية الإسلامية. وامتلأت كتب التراث والحديث بروايات عن إشارات يوم الساعة وعودة المسيح لنشر الخير لكن باختلاف أنه سيكون حليف المسلمين بدلا من بني إسرائيل. وبهذا ترسخ مفهوم عودة المسيح إسلاميا ومسيحيا مع اختلاف مع من سيقف. واتفق الجميع على ترقب المسيح الثلاثي كل لخدمة معتقداته. فإسرائيل تريده مسيحا لأول مرة يقف معها. وبعض المسيحيين يريدونه عائدا محققا لدعم إسرائيل. والمسلمون ينتظرونه لحسم مسألة الدين الصحيح بانتصاره لهم على كل من المسيحيين واليهود.

بل توسع المسلمون في الرؤية إلى ترقب ظهور المهدي كجزء من سيناريو عودة المسيح. ولعودة أو ظهور المهدي رؤيتان: فمن وجهة نظر السنة فهو ظهور جديد كإشارة لعودة المسيح. أما الشيعة فيعتقدون أنه كالمسيح ظهر وتمت محاولة قتله لكنه اختفى وسيعود مرة أخرى بمحاكاة لقصة المسيح بين اليهود والمسيحيين.

والحقيقة أن تبني مفهوم عودة “ابن الله” للمسيحيين او “الامام المنتظر” للشيعة بدلا من الصورة المقابلة لظهور المسيح عند اليهود أو ظهور الإمام المنتظر عند السنة يعكس طبيعة الجهة التي كانت تحكم أكثر منه تنبؤ عشوائي.

بالنسبة لليهود لا يمكن قبول ظهور المسيح السابق أو عودته لأن ذلك سوف يدينهم بمحاولة قتله. وبالنسبة للمسيحيين فعودته ضرورة قصوى لتفسير لماذا قتل أصلا وكيف يقتل “النبي ابن الله” دون رد أو يضطهد المسيحيون لمئات السنين دون نصر من ربهم. ولتفسير ذلك لا بد من حكمة عظيمة وراء التأخر والتسلسل وأن العودة تحسم أحقية من تم ظلمهم.

بالنسبة للسنة ليس هناك ضرورة لعودة المسيح أو ظهور المهدي لكن ذلك تسرب ضمن تواتر عهود الحكم. ففي زمن الراشدين أو الأمويين أو العباسيين لم يكن هناك حاجة لذلك لكن ظهور الفاطميين واكتساحهم معظم دولة بني العباس نشر وعيا جديدا بين أتباع السنة في أراضي الدولة. والصيغة الجديدة بظهور المهدي وعودة المسيح لا تتناقض على الاقل مع الفهم التاريخي لكنها لا تمثل معتقدا عميقا. أما تمسك الشيعة بعودة الإمام المختفي فتعكس نفس الشعور لدى المسيحيين لتفسير لماذا يقتل الحسين حفيد رسول الله وهل تعقل هزيمة اتباع الحق أمام الظالمين من ولاة بني أمية أو اغتصاب حقهم في الحكم. لا بد في هذه الحالة كما حال المسيحيين من تفسير غيبي يرتبط بالحق وظهوره أخيرا. وعليه ففكرة عودة المسيح تصبح منسجمة بل داعمة لفكرة عودة المهدي. وهكذا توصل كل فريق لما ينسجم مع أساس عقيدته.

من السهل بعد هذا التحليل تفسير الحديث المنسوب لعلي بخصوص الرايات السود أو المنسوب للرسول بخصوص أهل الخلافة. بعد تحكم الأمويين بالمسلمين واضطهاد أهل البيت طويلا تمت محاولات تحالف بين الهاشميين لإسقاط بني أمية. وكان هناك سلالتان تعتقد كل منهما بحق الولاية وهم سلالة علي وسلالة العباس. ويتفق الطرفان أن الولاية وراثة من الرسول لكنهما يختلفان بمن يستحقها.

فالشيعة اعتبروا عليا صاحب الحق بحكم قرابته للرسول وكونه الوحيد الذي له نسل من صلبه. وأنه الأول في الإسلام صبيا ومن حارب مع الرسول كل معاركه وافتداه بنفسه يوم الهجرة. وأنه تم تأكيد حقه حسب حديث الغدير بأمر من الله تعالى وكان أحد الخلفاء الراشدين. هناك طبعا تفاوت في درجة الأحقية عند مختلف الفئات الشيعية. أما العباسيون فتبنوا مقولة وراثة الولاية عن الرسول وحولوها لصالحهم من منظور أن ترتيبهم في العصبية أقرب من علي ونسله لأن أبا طالب مات قبل الرسول فلا يرثه وعليه لا يرث علي. بينما مات العباس بعد الرسول وهو الوحيد الذي بقي من أعمامه مما يؤهله لوراثته. وبما أن الولاية للرجل فلا تحق لفاطمة أيضا وهكذا استخرجوا حكما لصالحهم. والحقيقة أن نظام الإرث حتى الآن يعكس هذه المقولة فيعطي ميراثا للعم ولا يحق الميراث للحفيد الذي مات أبوه بحياة الجد.

تحالفت سلالة علي مع العباسيين ضمنيا لإسقاط بني أمية.  وطبعا أضمر بنو العباس التفرد بالحكم لكنهم أظهروا التعاطف مع ضرورة وراثة الحكم من سلالة هاشم. وكانت خطة العباسين الاستعانة بخراسان وغير العرب لأن للأمويين نفوذا قويا عند العرب.  وتم تجنيد أبي مسلم الخراساني لقيادة حملة الثورة وكان من أكثر الجند ولاءا للعباسيين. وطبعا تسمية الكنية بأبي فلان مقتبسة من العرب وكنية المكان مقتبسة من خراسان. وأبو مسلم الخراساني يمثل التعريف تماما.

ومن هنا يظهر الجزء الأول من الحديث المنسوب لعلي كتصريح لأتباعه بالحياد في جولة بني العباس من خلال عدم تحريك الأيدي أو الأرجل حين تظهر رايات بني العباس السوداء. وبعد سقوط بني أمية قتل المنصور أبا مسلم خوفا من نفوذه وحين ذلك تحقق الجزء الثاني من الحديث الذي وصف حال جماعة أبي مسلم. وكان واضحا ميل أتباع علي لبني هاشم ضد العدو المشترك. والحديث تم تدوينه بعد فترة من حكم العباسيين بما يفسر الموقف ولا يحمل أكثر من ذلك.

والآن يظهر الدواعش بمواصفات جماعة أبي مسلم.  ومن الواضح أنهم يشبهون الوصف بشكل كبير فكيف تقمصوا سيرتهم. حين ظهرت جماعة أبي مسلم كانوا هكذا يلبسون ويكنون. وحين ثاروا على العباسيين بعد مقتله دعموا أنفسهم بروايات وأحاديث تترحم على الخلافة الراشدة وحال أصحابها وأنهم من يستحقونها لإيمانهم. وطبعا يتوقع الناس نهاية الزمان حين تنتشر الفتن. ونسبة حديث للرسول يدعم توجههم في العودة للخلافة الراشدة.  وعليه فالدواعش الآن يتقمصون دور جماعة الخراساني. وهكذا انطبق شكل الوصف في الحديث المنسوب لعلي والذي اعتبرهم خوارج وبدون عهد مع الحديث المقتبس عن الرسول الذي اعتبرهم اصحاب الخلافة.

طبعا لن يكون أحد سعيدا بهذا التفسير:  فالشيعة سيخذلهم اكتشاف أن الحديث المنسوب لعلي لا يزيد عن كود للموقف من ثورة العباسيين.  ولن يسعد السنة اكتشاف أن الخلافة المأمولة لا تزيد عن استرجاع لثورة أبي مسلم الخراساني على العباسيين.

الحل هو قياس الأحاديث على النص القرآني وحين ذلك لن يكون هناك مغالاة في تقمص أدوار حصلت وسيبقى الفهم الديني منطقيا منسجما وحضاريا.

وضيح عن الرايات السود و أصحابها: هي رايات هدى أم ضلال؟ من أهلها؟ متى تخرج؟ و ما علاقتها بالمهدي ؟
مما صح عن احاديث الرايات السود هذا الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ,ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ) ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : (فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله المهدي )) .أخرجه ابن ماجه والحاكم , وصححه الألباني , دون لفظة خليفة الله .

و في الحديث أن الرايات السود تقبل من المشرق و توطئ لمبايعة المهدي بين الركن و المقام، وأنهم يقتلون أهل الحرم قتلا كبيرا، فلماذا و هم على هدى و قد أتوا لنصرة المهدي؟ أجاب الحديث عن هذا السؤال بقول النبي صلى الله عليه و سلم (يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة..)) و المتواتر من تفاسير أهل العلم لهذا الجزء من الحديث أنه يحدد مكان تقاتل أبناء الخلفاء (أو الملوك)، فهم سيقتتلون في مكة (عند البيت الحرام) و سيستحلون الحرم، و سيكون لكل منهم أنصاره من أبناء القبائل، وستكون فتنة كبيرة يستحل فيها العرب واهل الحرم الحرم. وهذا الاستحلال لن يكون خاصا مثلما سبق في عهد الحجاج و غيره إذ كان عامة المسلمين منكرين على المستحل، وإنما سيواطئ اغلب المسلمين هؤلاء المستحلين و يوافقونهم على جرمهم ، وإينذاك تكون البداية لهلكة العرب، كما ورد في هذا الحديث الصحيح : (( جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة
المجلد السادس وبرقم 2743 ( الصحيحة

“يبايع لرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل البيت إلا أهله ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا ، وهم الذين يستخرجون كنزه “.))و ذلك عند الله عظيم، بل هو جرم فظيع يسبب هلكة العرب. قال تعالى في استفظاع استحلال الحرم : ( ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب السعير )، فيسلط الله على المستحلين و أنصارهم أصحاب الرايات السود، و هي رايات هدى لا ضلال، و الشواهد على ذلك كثيرة من أحاديث أخرى. فعند نعيم بن حماد عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ذكر بلاء يلقاه أهل بيته حتى يبعث الله راية من المشرق سوداء من نصرها نصره الله ومن خذلها خذله الله حتى يأتوا رجلا اسمه كاسمي فيوليه أمرهم فيؤيده الله وينصره )، و وعن ثوبان عن انبي صلى الله عليه وسلم قال ( تجيء الرايات السود من قبل المشرق كان قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم فليبايعهم ولو حبوا على الثلج ) أخرجه الحسن بن سفيان وأبو نعيم.و غيرها من الأحاديث

و الغالب على الظن أن أصحاب الرايات السود الذين سيخرجون نصرة للمهدي، و غضبا لله لاستحلال محارمه، هم المجاهدون من طالبان و أنصارهم، فهم من أهل خراسان، و راياتهم هي رايات الخلافة السوداء، و هم يخرجون طلبا للحق (مبايعة المهدي)، و يناصرونه، و الأحاديث الدالة على أنهم يطلبون الحق و يوطدون لمبايعة المهدي كثيرة، منها: ((حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا على بن صالح عن يزيد بن أبى زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل فتية من بنى هاشم فلما رآهم النبي -صلى الله عليه وسلم- اغرورقت عيناه وتغير لونه قال فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه. فقال إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدى بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملواها قسطا كما ملأوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج . كتاب ‘الفتن’ الحافظ أبو عبد الله- نعيم بن حماد وسنن ابن ماجة والمصنف لابن أبي شيبة ، وابن عدي في الكامل , اخرج مثله أبو عمرو الداني و البزار والطبراني و الحاكم — وقالو يسالون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون .رجاله ثقات )) و وفي مسند احمد (( حدثنا وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي))، و هذا الحديث أيضا يثبت أنهم يطلبون الحق و هو مبايعة المهدي و مناصرته: ((عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به و لا سكتنا إلا ابتدأنا حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن و الحسين فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه فقلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ؟ فقال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا و أنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا و تشريدا في البلاد حتى ترتفع رايات سود من المشرق فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي و لو حبوا على الثلج فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه إسمي واسم أبيه اسم أبي فيملك الأرض فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .المستدرك على الصحيحين – محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري . رجاله ثقات إلا حبان.

كل هذه الأحاديث تفصح عن أن أقواما من المجاهدين سيقبلون من بلاد خراسان غضبا لاستحلال الحرم، و طلبا للتمكين للمهدي، و راياتهم رايات الخلافة السوداء، و هي رايات هدى لا ضلال، فتلك الصفات جميعا تنطبق على مجاهدي أفغانستان (طالبان وأنصارهم)، و نرى أنهم المعنيون، خصوصا أنه تواتر أن الملا عمر رأى النبي صلى الله عليه و سلم في المنام زهاء سنة 1995  وأمره بأن يضم كابل إلى حكمه وان يسيطر على سائر بلاد الأفغان، كما روي أنه رآه مرة و أمره بأن لا يخذل ابن لادن و أن لا يسلمه للأعداء، فعزم على أن لا يسلمه وان سال في ذلك دمه والله أعلم.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق – أو بدابِقَ – فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم: خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون : لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ؟فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سيوفهم بالزيتون ،إذ صاح فيهم الشيطان: إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبيناهم يُعِدِّون القتال، يُسَوُّون صفوفَهم، إذا أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم، فأمَّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لانزاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده -يعني المسيح فيريهم دَمه في حربته.