الشيطان يعدكم الفقر والله يعدكم مغفرة منه وفضلا
الشيطان يعدكم الفقر والله يعدكم مغفرة منه وفضلا
ٱلشَّيْطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ ۖ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ- سورة البقرة 268
يبدو أن نسبة كبيرة من الناس وحتى من المسلمين لا تعطي بالا حقيقيا لدور إبليس وكيفية عمله. يتم قبول الأمر لأنه في القرآن دون بذل جهد كاف لفهم آليات ذلك العمل لمقاومته وتجاوزها وكشف مكامن خطرها.
المسألة الرئيسة ليست تلاعب إبليس بعقل فرد بإغوائه أو تخويفه، ولكنها التلاعب على مستوى أوسع بكثير بحيث تصبح مؤثرة على القرار السياسي والوعي الجمعي ونشر العداوة والحروب.
يتطلب الأمر فهما عميقا ومنهجيا لكيفية عمل إبليس وأتباعه. لحسن الحظ أن القرآن غطى ذلك بإجابات كثيرة لكنها موجزة كنمط القرآن عموما. سأحاول جمع ذلك ضمن هذه المقالة الموجزة.
طبعا لسنا هنا في معرض فك الحجب والطلاسم وإنما محاولة فهم موضوعية.
اهم أسس عمل إبليس في إغواء الناس تقوم على عملية المتاهة والضياع من خلال تعددية الاحتمالات وتعظيم التافه منها إلى مستوى المهيمن وبالعكس. يحصل ذلك من خلال فهم واستغلال كبير لغرائز الإنسان البهيمية التي تشمل (الخوف والطمع وتوقف العقل المنطقي) حين يحصل ذلك. هناك دراسات علمية عميقة تطرح آلية عمل تدجين العقل الجمعي.
أولا: قلب الكلام وتحريفه عن موضعه
على مستوى آخر يعمل على تحريف معاني ومقاصد الكلام من خلال تلاعب بسيط والقفز من موقف إلى نقيضة بقليل من التغييرات ومن خلال الاعتماد على مغالطات شبيهة جدا بالأصل الصحيح لكنها معاكسة لها. قوانين الجدل مثال فعال على هذه الآلية.
1- القاعدة الأساس الأكثر انتشارا هي استخدام تحريف بسيط لقواعد منطق الحقيقة. في الأصل هناك أربع حالات لجدول الحقيقة:
- صواب –< صواب: صحيح دائما.
- صواب –< خطأ: مستحيل.
- خطا –< صواب: ممكن.
- خطا –< خطأ: مألوف.
2- لو قلبنا الأربع مقولات وقيمها وليس نفي المقولات نصل إلى معاكسات للأصل كالتالي:
- خطأ –< خطأ: خطأ. تناقض الرابعة مع أنها قلب الأولى.
- خطأ –< صواب: ممكن. تطابق الثالثة مع أنها قلب الثانية.
- صحيح –< خطأ: مستحيل. تطابق الثانية مع أنها قلب الثالثة.
- صحيح –< صحيح: غير مألوف. تبدو مناقضة للأولى مع أنها قلب الرابعة.
نرى أننا قلبنا كل شيء لكن هناك منطق عكسي يعمل. هذا يعني أن عكس كل شيء يخلق منطقا منحرفا لكنه يظهر انه يعمل بنسبة جيدة ولكن للمعاني المقلوبة في نصف الحالات (2 و 3) ويبدو مناقضا للنصف الآخر (1 و 4). هذا يبدو معقدا لذلك يمكنك القفز عنه الآن.
3- نتيجة:
أهم طرق المغالطات تتم من خلال عرض مثال استخدام صواب ناجم عن خطأ للتدليل أن السبب صواب وهي الحالة الرابعة في الأصل لاعتبار أن سببها الخاطئ صواب. المسألة ليست صعبة حقا. من يدركها ويتعلمها بشكل جيد أول مرة لن يخطئ بعد ذلك.
بشكل موجز أهم طرق الشيطان في صنع المتاهة تقوم على قلب الحقائق ونفي الصحيح وتصويب الخاطئ على طريقة نيجاتيف الصورة بحيث يتم قلب كل جزء لعكسه فتنشأ حالة جديدة تمر على كثيرين دون اكتشاف تناقضها التام مع الحقيقة.
ثانيا: طرق كشف اللعب الشيطانية: نعم أهمها
- الإيمان بالله بصدق: وهو يحمي من تعقيدات المنطق وأخطاء فهمها.
- الالتزام المطلق بالصدق ومعرفة الحق والاستعداد لبذل كل الجهد من أجل ذلك.
- عدم اتباع الشهوات والتحكم بها. أهمها شهوات الحكم والجنس والمال.
- لا يمكن للصواب أن ينتج خطأ، بينما الخطأ يمكن أن ينتج صحيحا. هذه تكفي لسد الطريق على 98% من الخدع.
- قبول أن القران لا يحتمل أي تناقض، وأي تناقض معه هو خطأ، واستخدام ذلك كنهج لتنقيح الفهم الديني.
لكن كيف يمكن كشف الملاعيب على المستوى الجمعي. تلك قصة أخري سأنشرها منفصلة.
ثالثا: عملية البرمجة النفسية الجمعية – Psyop
هي أحدى أهم وسائل الحرب النفسية على الإطلاق وتعتمد تسلسا مطولا وليس شذرات من الأكاذيب المنفصلة بل عملية متسلسلة لها سردية.
1- الهدف: برمجة الجهة المستهدفة للتسليم بسردية من يريد البرمجة كما يريدها ودون نقاش منطقي.
2- الآلية: يلزم نشر رعب كبير وخوف فوق طبيعي ووجودي فاذا تحقق ذلك الخوف بأي طريقة فعلا أو وهما تبدأ البرمجة بغرس السردية ضمن منطق متناقض عموما يمكن كشفه من قبل غير المتأثر. من يخاف يفقد ملكة العقل المنطقي في الأرجح.
3- النتيجة: بعد تثبيت السردية يتم تحديد شعارات تخدم غرض المنفذ وتستهدف عادة الخصم المناوئ للسردية فتبدا شعارات تهاجم أية جهة تنحرف عن السردية ومسلماتها بانها تمثل خطرا على البقاء ويجب قمعها وإن لزم تصفيتها.
تظل السردية متبعة حتى تنتهي المهمة وينسون كيف حصلت.
4- إمكانية إيقافها أو تضاؤلها:
إذا توفر لدى الخصم قدرات منطقية ومادية يمكنه كشفها وإفشالها بمجرد قول الحقيقة.
رابعا: أمثلة على برمجة العقل الجمعي
1- مشروع الفيروس: بدأ بالرعب من انتشار المرض القاتل وتمت النهاية بحرب أوكرانيا.
2- مشروع الربيع العربي 2010-2016: بدأ بالرعب من تفتيت العرب وتم تجيير نصف الحكومات لتستهدف النصف الآخر وتجنيد الشعب بالعملية ليعتقد أنها ثورات تحرير.
فشل المشروع بسبب التدخل الروسي ونجاح ترامب الذي قلب موقف الخليج عمليا وأضعف موقف الإخوان.
3- ربيع الشيطان 2: لم يمت المشروع الشيطاني وهناك كما يبدو محاولات لإحيائه من خلال استغلال العربدة الإسرائيلية على فلسطين وغزة وعدم قدرة العرب والمسلمين على الرد المناسب لإيقافها.
ليتحول الأمر إلى هجمة تستهدف مصر وسوريا بالأساس ومحاولة إكمال ما فشل في النسخة الأولى- اللهم احم الأمة من هذه الشياطين.
من الأرجح فشل المشروع بل وانعكاسه لأسباب كثيرة سنشرحها لاحقا.
طريقة عمل ابليس في نشر الالحاد بهدف الوصول الى عبادته وهي تتكرر منذ آدم وغالبية الأمم سقطت فيها
تبني استراتيجيتين في التمزيق:
تعدد الآلهة من خلال استغلال غرور وكبر الملوك والوسوسة لهم انهم الارباب ولا رب غيرهم.
رفض وجود عالم الغيب بالإطلاق با فيه وجود الله وابليس والملائكة.
تقسيم الجند الى فريقين
الفريق الأول ينشر الالحاد ورفض الغيب واضاعة أصل الناس من آدم وأنهم أمم لا تجتمع بأصل. يشمل الالحاد والعلمانية والليبرالية وانكار وجود الله وإبليس وكل علم الغيب
يستمر عمل هذا الفريق حتى يسود الكفر بالله وبالمرجعية ويضيع الناس بحثا عن رب لأن البحث عن الخالق قوة ذاتية في الإنسان اسمها قوة التكامل الوجودي.
يعرض الفريق الثاني بدائل من الدنيا من خلال اعتبار الحاكم أو الفنان أو اللاعب الرياضي — الخ. بسبب خواء الناس روحيا يميلون لقبول ذلك لكنه لن يكون كافيا بسبب عدم بقائه.
يستمر الضياع ويتكاثر حتى تسيطر فرق الشيطان على الأرض وتحكمها
يعلن إبليس أنه الرب الوحيد وتعمل الفر ق التابعة له على ترسيخ ذلك بقوة السلاح والمال والجنس والمتع والخوف والمرضز
هذا ما كان يحصل دائما وهو ما حصل خلال الثلاثة عقود الماضية
حين يظهر حاكم يصدق انه الله يتم خسفه سريعا.
من المستحيل ان يترك الله الارض للاستسلام لهذه النهاية.
حين كانت الناس تصل الى الضياع كان يظهر مؤمنون وانبياء ومصلحون يدلون الناس على الطريق المستقيم.
نمر حاليا بمرحلة اعلان ابليس عن ربوبيته وتدخل الله السريع يبدو واضحا على الجدران في كل بقاع العالم. لن تنجح العولمة ابدا.